الجولان المحتل بين نضال المناضلين وتشكيك الانتهازيين والمشبوهين - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


الجولان المحتل بين نضال المناضلين وتشكيك الانتهازيين والمشبوهين
د. علي أبو عواد - مدير مؤسسة قاسيون
25\03\2008

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيأتي على الناس زمان سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة. قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه ينطق في أمر العامة".
من المعيب والمخزي على مصير ومستقبل قضية الوطن المركزية (قضية الجولان المحتل) أن يكون التعاطي مع الجولان والقوى الفاعلة فيه من قبل بعض المسئولين في الوطن في بعض مواقع المسؤولية المختلفة ومنها الإعلام بهذا المستوى المريع الذي يدل على الجهل وانعدام المسؤولية في أحسن الأحوال، إن لم يكن يبعث على الريبة في أقصاها، بما أدى ويؤدي هذا النوع من التعاطي المسيء إلى تشكيل اكبر المخاطر على منعة الموقف الوطني وصموده، عن طريق زرع الفتنة والفرقة والشكوك في ساحتنا الوطنية، الأمر الذي لا يخدم إلا سياسة الاحتلال خصوصا حينما نتحدث عن مجتمع لا يزيد عديده عن الـ 18000 نسمة (6600 نسمة عام 1967) من رجال وشيوخ وأطفال، وُضعوا بمواجهة تحدي عجزت الدول عن مواجهته رغم ما تملكه من إمكانات لا تقارن بها إمكانيات مجتمعنا الصغير الضئيلة.
طوال سني الاحتلال ومناضلينا في الجولان يعيشون حالة من الإرباك زادت حدتها في العقود الأخيرة، سببها جملة من الممارسات والمواقف الخاطئة من قبل جهات في الجولان المحتل، يشفع لها قلة الخبرة وعدم النضج السياسي في حالة كحالتنا كمجتمع فلاحي بسيط. ومن قبل جهات في الوطن العديد منهم في موقع المسؤولية، لا يجوز لهم الوقوع في الخطأ مقصودا كان أم غير مقصود، لان الخطأ من قبلهم يرقى إلى حد الجريمة الوطنية، بما سببت وتسبب هذه الأخطاء من آثار خطيرة على معركة الصمود في الجولان.
إن بث الإشاعات والشكوك بين أبناء الصف الوطني الواحد، أوصلنا في العقدين الأخيرين بشكل خاص في الجولان إلى حالة من الانقسام، نسعى جاهدين كقوى وطنية فاعلة بمختلف توجهاتها الفكرية والسياسية لمواجهته، بإعادة اللحمة لموقفنا الوطني على أرضية أن لا عداوة إلا مع الاحتلال، وإن اختلافاتنا الفكرية والسياسية محرم لها أن تصل لمستوى الخلاف والتنافر، وبدلا من ذلك فإنها يجب إن تشكل عامل إمداد وإثراء لموقفنا تحت سقف الموقف الوطني الديمقراطي الواحد.
من يدرك الواقع في الجولان المحتل يدرك بأننا قد خطونا بكل فعالياتنا الوطنية خطوات كبيرة على طريق ردم خلافات خطيرة كادت أن تعصف بمواقفنا الوطنية برمتها، على مبدأ أن جميع قوانا الوطنية في الجولان مسؤولة بشكل مباشر أو غير مباشر عن الواقع المتردي الذي وصلنا إليه بغض النظر عن حجم الأخطاء لدى كل طرف وعلى مبدأ أن أم الصبي الحقيقية هي التي لا تقبل قسمته، وأننا كقوى وطنية وجماهير مناضلة في الجولان المحتل نحن من أنجز هذا الانجاز العظيم من الصمود في وجه أعتى هجمة صهيونية باذلين الغالي والنفيس من التضحيات الاقتصادية والبشرية من مئات الموقوفين والمعتقلين والجرحى وعشرات الشهداء طوال سني الاحتلال. وللإشارة فقط فانه يُندر أن تكون أسرة واحدة في الجولان المحتل لم يتعرض احد أفرادها للملاحقة أو التوقيف أو الاعتقال، وهنالك الكثير من الأسر التي خاضت بمجموع أفرادها تجربة الاعتقال والسجن بدءاً بالجد ومرورا بالأبناء حتى الأحفاد... فمن بذل ويبذل هذه التضحيات لن يسمح بهدم هذا الموقف البطولي لجماهير الجولان تحت أي ظرف من الظروف.
لحساسية الموضوع وعدم ترك الفرصة للاحتلال وأزلامه للاستفادة من أي حوار مكاشفة متشنج، كنا ومازلنا نكظم الألم ونلتزم الصمت ليس جبنا أو خوفا، إذ إننا نتحمل كامل المسؤولية والجرأة لتحمل المساءلة ولا تنقصنا جرأة التراجع عن الأخطاء والإساءات إن وُجدت، في جو من النقاش والتفاعل المسؤول بين مختلف قوانا الوطنية في الجولان فيما بيننا وبين الجهات الحريصة والمسؤولة في الوطن.
كما ذكرنا فإننا بعد أن خطونا خطوات كبيرة لإعادة اللحمة لموقفنا الوطني في الجولان المحتل في الفترة الأخيرة، الأمر الذي يجب أن يلقى كل الدعم والمباركة من الجهات المسؤولة في الوطن بما ينسجم مع الموقف المُعلن من قيادتنا السياسية بالحث على نبذ الخلاف والفرقة، وأن موقف القيادة هو موقف الدعم والإسناد للعمل الوطني في الجولان ممثلا بكل القوى الوطنية الفاعلة بدون تفريق بين وجهة نظر سياسيه وأخرى داخل الصف الوطني الواحد.
إننا وما زلنا نأمل أن هذا الأمر سيكون أكثر وضوحا خصوصا بعد شيوع روح الوفاق والمسؤولية المشتركة التي بدأت تظهر للعلن في الفترة الأخيرة من قبل قوانا الوطنية بكل أطيافها كما ذكرنا. ولكننا فوجئنا بأن هناك جهات ومواقع منها ما هو معروف ومنها ما هو غير معروف في الوطن، ما زالت تنعق خارج السرب، فكأنه لم يرق لها أن يكون هناك منعة وطنية في الجولان المحتل فأعادت موجة من بث سمومها وشكوكها وتشكيكها في مصداقية قوانا الوطنية الفاعلة في الجولان إما ممارسة أو إعلاماً. ومن الأمثلة الصارخة على ذلك لقاء الصحفي المدعو "علي الأعور" الصحفي في صحيفة الوطن مع شباب رياضيين بسطاء من الجولان في عمان وتحريضه الأرعن إلى درجة الاتهام بالعمالة لفريق قاسيون الرياضي في بقعاثا واستثناء هذا الفريق من الفرق الرياضية الوطنية في الجولان المحتل المعتمدة من قبل الاتحاد الرياضي في الوطن، إلى المقال المسموم الذي كتبه أحد النكرات المدعو "جبر سلمان الجولاني" وهو طالب من قرية الغجر السورية المحتلة يدرس في الوطن، والمقال بعنوان "الاعلام الصهيوني في حرب تهويد الجولان السوري" الذي نُشر في جريدة الوطن نفسها بتاريخ 19-3-2008 حيث يأتي هذا المقال في نفس السياق المشبوه. ولو لم يأخذ الأمر ولو على سبيل الادعاءات الصفة الرسمية عن طريق المدعو علي الأعور أو عن النشر في صحيفة رسمية في الوطن لما كانت هذه النكرات ومن مثلهم يستحق منا الرد.
إن هؤلاء النكرات المأفونين يتغنون بالمواقف النضالية في الجولان زورا وبهتانا في الوقت الذي يشككون فيه بإحدى الدعائم النضالية الأساسية في معركة النضال في الجولان والتي كان وما زال لها شرف المساهمة الفاعلة في ايصال الوضع النضالي في الجولان المحتل إلى ما وصل إليه بما يسر الصديق ويغبض العدو.
إن الموقف النضالي في الجولان الذي يتحدث عنه هذا الكاتب النكرة براء منه ومن أمثاله فهو من الذين يحملون الجنسية الاسرائيلية عوضا عن الجنسية العربية السورية، وليصحح موقفي من يعرف بغير ذلك، أنه لم يكلف نفسه وأمثاله عناء التصدي والسعي لإسقاط الجنسية الإسرائيلية عنهم كما يسعى الكثير ممن غُرر بهم وحملوا هذه الجنسية لإزالة هذا العار عنهم، وأبدوا ويبدون كل الاستعداد لبذل كافة التضحيات في سبيل ذلك.
لم نسمع أن هذا النكرة قد شارك في أي فعالية وطنية أو مواجهة مع الاحتلال ولا يحق له ذلك بالأصل، كما لا يحق له ادعاء الحرص على الموقف الوطني وهو قد انتقل الى الموقع المعادي بحصوله على الجنسية الاسرائيلية، التي ما زال يحمل عارها حتى الآن ولن يغطي عاره ومن مثله تزلفهم ونفاقهم وتطاولهم على المناضلين الشرفاء في الجولان بعد ان التحق بجامعاتنا الوطنية بحصوله على فرصة لم تكن لتكون له ومن مثله لولا تضحيات المناضلين الحقيقيين الذين تعرفهم ساحات الجولان من اليوم الأول للاحتلال، لفتح هذا الطريق مقدمين أجل التضحيات من ملاحقات وتوقيفات أو فصل من عمل أو أسرى وشهداء.
ان المؤسسات والشخصيات الوطنية التي يحاول هؤلاء المغرضين المشبوهين التشكيك بها واتهامها بالعمالة قد تشكلت من مجموعات من المناضلين الذين تشهد لصمودهم عشرات سني الاعتقال في المعتقلات والزنازين الصهيونية من الرعيل الاول ومن متعلمين ومثقفين وطنين تشابكت أياديهم في ساحات النضال، آخذين على عاتقهم الارتقاء بالعمل الوطني في الجولان على كافة الصعد، بما يشكل ركائز متينة لمسيرة صمود أمام احتلال لا نعرف مدى استمراره، فعرفتهم كل ساحات النضال من دفاع عن الثوابت الوطنية، والعمل على بناء الوعي المقاوم الى اشادة النصب التذكارية لأبطال ملاحم المقاومة الوطنية في تاريخنا الحديث في ساحات القرى الجولانية الى مواجهة محاولات اغتصاب الأراضي الى إقامة المخيمات الصيفية الوطنية، الى التصدي للحاجات الضرورية لجولاننا الغالي من طبيه وغيرها, الى المواجهات الحامية مع قوات الاحتلال في شتى المواقع، ودفعوا وما زالوا يدفعون ضريبة ذلك من ملاحقة واعتقال في الوقت الذي لم نسمع عن أي مساهمة في الجهد النضالي في الجولان لهذا المتطاول النكرة وأمثاله.
وللأمثلة فقط نرد على هذا المأفون ومن مثله أن من بادر الى فعل المواجهة لمنع المجرم شمعون بيرس وواجه جحافل شرطته مانعا اياهم من تدنيس ثرى مجدل شمس الطاهر بعد أيام من زيارته لبلد عربي مستقل هو المغرب واستقباله بالترحاب هناك، هم مناضلي المؤسسات التي حاول التشكيك بها مع غيرهم من القوى الوطنية والجماهير الجولانية المناضلة، وليس هذا المأفون ونوعيته، فاهتزت لصيحاتهم وهتافاتهم ارض الجولان مثل (يا بيرس اطلع برا الأرض العربية حرة) واثر ذلك تعرض الكثير من هؤلاء المناضلين للملاحقة والتوقيف والاعتقال لفترات مختلفة ولاقامات جبرية كثيرة.
معلومة فقط أوردها لصحيفة الوطن ولهذا المأفون ومن مثله.. بصفتي أحد الأعضاء المؤسسين لمؤسسة قاسيون الوطنية. أن الشاب الذي أظهره التصوير وهو يلكم الشرطي في وجهه وكذلك من أصاب قائد شرطة الاحتلال بحجر في رأسه في المواجهة هم من كوادر مؤسسة قاسيون التي يحاول هو وغيره التشكيك فيها.
ان مؤسساتنا الوطنية التي عملت بكل طاقاتها على قيام خدمات وطنية غير خاضعة للاحتلال، فأقامت المواقع الاعلامية والمراكز الطبية في كافة قرانا المحتلة وبجهد بدا طوعي لسنوات طويلة وما زال في غالبه كذلك الى الآن، وتبنت تأهيل الكوادر في سبيل ذلك وأوجدت أماكن العمل والرزق الكريم لهذه الكوادر وأسرهم مما ساهم في بقائهم في الجولان المحتل وعدم لجوئهم الى الهجرة تحت ضغط الاحتلال، واقامة الروضات والأندية الثقافية والرياضية والمخيمات الوطنية الصيفية السنوية التي يبقى فيها العلم السوري يرفرف خفاقا تحت أنف الاحتلال وينشد فيها نشيد حماة الديار عليكم سلام، في الوقت الذي كان هو ومن مثله يلتحقون بالمؤسسات والروضات والمخيمات الصهيونية تحت راية العلم الصهيوني.
و كما ذُكر سابقا فان مناضلينا في هذه المؤسسات مع غيرهم من مناضلي الجولان بغالبيتهم قد عرفوا السجون والمعتقلات والملاحقات من سلطة الاحتلال وما زالوا وما بدلوا تبديلا.
في تاريخ 11-1999 وللاشارة فقط فقد تعرض مقر مؤسسة قاسيون في قرية بقعاثا لانفجار لغم كان أشبال من نادي قاسيون يعدونه في إحدى عملياتهم النضالية مما ادى الى بتر ساق أحدهم وإصابة الآخرين بجروح مختلفة ليدخلوا المعتقلات بعد ذلك, بعضهم قد خرج من السجون وبعضهم ما زال رهن الاعتقال ولفترات طويلة تصل الى 20 عاما..
أخيرا يحاول هذا النكرة بث عقده وحقده الطائفي من خلال التحريض الأرعن على حالات الزواج التي تحصل بين الأهل في الجولان وأهلنا المعروفيين داخل مناطق عام ــ48 بالحديث عن مشروع صهيوني يدفع لذلك، وكأنه وهو العربي السوري الذي ارتضى وما زال
التنازل عن جنسيته العربية السورية والقبول بجنسية الاحتلال أكثر عروبة من المناضلين المعروفيين في مناطق الـ48 الذين ورغم قساوة الوضع لم يستكين نضالهم ضد الاحتلال وضد محاولة سلخهم عن انتائهم الوطني والقومي منذ حصول النكبة وحتى الآن، من مشاركتهم في المواجهات المسلحه لطلائع الغزوات الصهيونية, وتقديم الشهداء في ذلك, الى المناضلين في سبيل الانعتاق من قانون الخدمة الإلزامية ومواجهة العزل الطائفي والأسرلة بشتى السبل، وتشكيل الأطر من حركة الجذور الى لجنة المبادرة الدرزية الى حركة المعروفيين الأحرار، الى شعراء ومثقفين وأدباء ومربين يشهد لهم القاصي والداني بفعاليتهم وعظيم اسهامهم في بناء فكر وطني وقومي مقاوم, الى مئات الشبان الذين دخلوا السجون لرفضهم الخدمة الإلزامية. ورغم حقده الطائفي هو ومن مثله فان العلاقة بيننا في الجولان وبين أهلنا المعروفيين في مناطق فلسطين عام 48 وبقية ابناء شعبنا الفلسطيني كانت وستبقى راسخه, فهي قد ساهمت وتساهم في اعلاء روح المقاومة وكسر الحواجز التي كان الاحتلال قد فرضها علينا وعليهم باختلاف انتماءاتهم المذهبية والطائفية والوطنية.
ان محاولته ايضا التشكيك في نشاط فولكلوري حصل في الجولان في الفترة الاخيرة (خيالة بني معروف) ومحاولة جعله مشروعا طائفيا مخططا من الاحتلال (هو مثال آخر على سوء النية والقصد فلعلمه وعلم غيره أن هؤلاء الخيالة الشبان رغم اختلافنا معهم فيما حصل هم ليسوا مشاريع احتلال بل هم أنفسهم الذين كانوا وما زالوا يواجهون قوات الاحتلال بصدورهم في المواجهات التي تقع في الجولان. وهم أنفسهم الذين كانوا يخرجون في المناسبات الوطنية حاملين أعلام الوطن على ظهور خيولهم.
أخيرا نتمنى على المسؤولين في الوطن وعلى مواقع الإعلام توخي الحيطة والحذر والارتقاء الى مستوى المسؤوليه في كل ما يتناول قضايانا في الجولان. فمعركتنا مع الاحتلال لا تحتمل الفرقة فكيف بفتح المنابر للأفكار والعقول المسمومة. ونقول في هذا أن الخطأ في هذا الأمر يرقى لمستوى الجريمة بحق قضيتنا الوطنية المركزية في الحفاظ على موقف وطني صامد في الجولان المحتل، ودعم منعته في مواجهة واقع معقد وخطير.

فيما يلي المقالة التي نشرت في صحيفة الوطن السورية والتي يتناولها مقال الـ د. علي:

الإعلام الصهيوني في حرب تهويد الجولان السوري
جبر سلمان الجولاني  \ صحيفة الوطن السورية

المعركة الأولى للهوية في الجولان انتهت عام 1982 وخرج السوريون منها منتصرين كشعاع الشمس.. انتهت بتلك الصرخة التي رددها الجولانيون على مسامع العالم من مشارقه إلى مغاربه، كما على مسمع شمعون بيرس الذي لا ريب يذكرها.. يومها هتف له أهلنا في الجولان بملء حناجرهم: «أنا سوري وأرضي عربية يا بيرس يابن الحرامية».
هنا انتهت مرحلة، لتبدأ أخرى بالنسبة للكيان الغاشم، فهذه أول معاركه التي أثبتت إخفاقه في بسط نفوذه على الأرض، ليوكل ترويض الجولان لـ«الموساد» وأفرع مخابراته الأخرى بعدما تمرّغ أنفه بأوحال الجولان.
«الموساد»، ومنذ بداية معركته الثانية لتهويد الجولان كانت أهدافه ومازالت تتمحور حول تغيير وجهة البوصلة من بعد وطني إلى بعد طائفي، سعيا منها لترسيخ مفاهيم طارئة ترتكز إلى البعد الطائفي، إضافة إلى تقليل أثر البعد الاستراتيجي بالنسبة لأهلنا في الجولان المحتل، من خلال محاولته قطع التواصل بين السوريين ووطنهم الأم سورية..
المحتل راهن على الأجيال الجديدة في محاولته الرامية إلى تحقيق تلك الأهداف، فلجأ للحيلة عبر تغيير المناهج الدراسية، التي لا نزال جميعا نتناول عنوانها العريض دون الغوص في جوهرها الرامي لتشجيع الطائفية والمذهبية من جهة، والعنصرية والتعصب الديني من جهة أخرى.
كما راهنت الصهيونية على الوقت لإحداث شق أو اختلاف بين الجيلين: جيل انتفاضة الهوية، والجيل الذي ولد أثناء وبعد هذه الانتفاضة، سعيا لتكريس حالة من الاختلاف الذي تحتشد الصهيونية وراءه لاهثةً مسعورةً لتوسيع هوته باستمرار عبر أدواتهم المتعددة.
ولتحقيق أهدافه، حاول المحتل زرع عملائه في كل حارة وحي توازيا مع تغيير المناهج، وتكليفهم بمهمة النفخ ببوق الصهيونية وتمييع انتصاراتنا الوطنية وتلميع صورة المحتل، إضافة إلى بث الفتنة والشائعات والدعاية لتعميم روح الانهزامية على المجتمع.. ولعلنا نستذكر العام 1998 عندما تفرغ البعض من العملاء لترويج شائعة مفادها أن شريحة عريضة من أهلنا في الجولان قد وقعوا على معروضات تطالب الحكومة الصهيونية والكنيست ببناء قرية للجولانيين الذين يرغبون في النزوح من الجولان إلى الجليل ودالية الكرمل، وذلك بالتزامن مع المفاوضات في شيبردزتاون.
وحاول المحتل بكل ما أوتي تشجيع التزاوج بين سوريي الجولان وموحدي فلسطين المحتلة «وكلنا يعلم أثر خطورة هذه المصاهرة على الجيل»، إلا أن الجولانيين كانوا لهذه الفكرة بالمرصاد، كما حاول نقل عائلات من دالية الكرمل والجليل لتقطن الجولان ولم تلق الفكرة نجاحا أكبر من سابقاتها.. ووصلت الأمور بهذا المحتل إلى إشاعة الدعاية وتشجيع الفعاليات المصبوغة بصبغة طائفية مثل «خيالة بني معروف» التي قاموا بها مؤخراً على أ رض الجولان كطريقة مبتكرة لتعزيز المناخات الطائفية، إلا أن الفعاليات الوطنية في الجولان ألحقت بها هزيمة شعبية كانت كافية لحثهم على التفكير مليا قبل تكرارها أو تكرار ما يشبهها من ممارسات..
المعركة الثانية لتهويد الجولان عن طريق الموساد وأعوانه، فشلت أيما إخفاق بتنفيذ مآرب المحتل ومخططاته لترسيخ الواقع الجديد عبر تغيير البوصلة الوطنية، فكان الوطنيون ومن خلفهم رجال الدين في كل مرة يفاجئون المحتل بتلك الحقيقة التي مفادها «أن المواطن السوري شديد الإيمان، وأهم أركان إيمانه هي وطنيته» والوطنية عملة بوجهين، الوجه الأول هو الوطن الأم سورية، ووجهها الثاني هو رمز هذا الوطن وقائد هذه الأمة «بشار حافظ الأسد».. مؤمنين بأن الوطنية لا تستقيم إلا بوجهيها..

مرحلة تأسيس أبواق إعلامية
لخيبة أمله بموساده، وللنتائج غير المرضية في معركة تهويد الجولان الثانية، لجأ المحتل الصهيوني إلى استخدام آخر وأهم أوراقه ألا وهو الإعلام، ظنا منه أن باستطاعته تغييّر مفاهيم اللعبة على أرض الواقع، ولم يلبث أن منح تراخيصا لبعض المؤسسات التي يعلم بعض القائمين على إدارتها وتنظيم عملها طبيعتها وكنهها، ومخاطر أهدافها البعيدة على التاريخ الوطني الذي سطره الجولانيون بدمائهم، وعنونوه بوضوح في وثيقتهم الوطنية التي صدرت عن جماهير الجولان، والتي تشير بدقة إلى مقاطعة المؤسسات الإسرائيلية وتلك التي تدور في فلكها!!...
أهالي الجولان تساءلوا كيف لهذا المحتل أن يرخص لمؤسسات كهذه ويسهل نشر مكاتبها على أرض وقرى الجولان إن كانت ما تقوم به على أرض الواقع هو ما تدعيه من مقاومة الاحتلال؟.. لكن أهالي الجولان لم يلبثوا طويلا حتى يكتشفوا الحقيقة على الرغم من الشعارات الزائفة لتلك الجمعيات المنادية بمقاومة الاحتلال...
الأدهى من كل ذلك هو اختيار الأسماء ذات الطابع الوطني لهذه المؤسسات، وللوهلة الأولى يأمل الفرد خيراً منها، ويظن أن الاحتلال زال لما ترفعه من شعارات وطنية خلال نشاطاتها الثقافية– التربوية– الرياضية وأضع ألف خط تحت الرياضية، وسعيهم للوصول إلى المجتمع المدني، وأعمالهم الطبية الخيرية غير الربحية!!..
وهنا فليسمحوا لنا بشرح الحقيقة هنا، لأن المجمعات الطبية في الجولان سواء التابع منها لجمعية «التنمية» أو «قاسيون» ليست سوى شركات تعمل ضمن إطار صندوق المرضى ووزارة الصحة الإسرائيلية ونجمة داوود الحمراء، والأهالي مفروض عليهم ضريبة كل شهر لهذه النجمة الحمراء كي يحظوا بالعناية الطبية.
هذه المؤسسات المرخصة من الإسرائيليين، انفضح أمرها أمام أهلنا في الجولان، فعلموا سريعا إلى من تعود ملكيتها وأموالها المنقولة وغير المنقولة في حال انفكاكها، أو إذا قرر الكيان حلها لسبب من الأسباب.
وفي هذا السياق نورد مثالا صحيفة تصدر تحت اسم «بانياس»، بموقعها الإلكتروني، الذي يلفت بما يحتويه من أقاويل، وإصراره على نقل وجهات نظر البعض ممن استسلموا للواقع القائم، مترافقا بحملة ممنهجة لاختلاق مفاهيم، حتى أن بعض القائمين على الموقع باتوا يستسهلون تمرير بعض المصطلحات التي تقولب بقالب الصفات وتطلق بهدف التعميم وأحياناً للشتم!!..
ولئن أنشأ المحتل اليوم صحيفة.. وغداً إذاعة.. وربما فضائية... على غرار ما فعله في جنوب لبنان!.. فلا بد أن نقول له «إللي بيجرب المجرب...» لأنه اندحر هناك كما سيدحره الجولانيون.

لمحة تاريخية للإعلام الصهيوني
إن بروز فكرة سيطرة الصهيونية على الإعلام العالمي بدأت عام 1775 على يد اليهودي «آدم إيزهاويت»، أستاذ القانون الدولي في جامعة نفولدشتات الألمانية، عندما أسس أول جمعية اسماها «جمعية النورانيين» وكانت تهدف لوصول النورانيين إلى السيطرة على الصحافة للتحكم بالأخبار قبل وصولها إلى الناس وهذا بهدف تغيير صورتهم البشعة الراسخة في عقول المجتمعات الغربية والأميركية وذلك لغسل دماغ الرأي العام العالمي الذي يصور اليهودي على أنه إنسان بشع– جشع– بخيل– معزول– منعزل– ماكر- خبيث– أناني– سفاك الدماء– وقاتل الأنبياء– وناهب ثروات البلاد والعباد– كما كان يصورهم الكتاب والروائيون من أمثال شكسبير.
وفي عام 1869 عاد ليظهر هذا التوجه في خطاب الحاخام «راشورون» في كنيس براغ قائلاً: «إذا كان الذهب هو قوتنا الأولى للسيطرة على العالم فإن الصحافة يجب أن تكون قوتنا الثانية». حتى جاء المؤتمر الصهيوني الأول عام 1898 في مدينة بازل السويسرية عندما انبثق عن هذا المؤتمر عدة بروتوكولات خصص البروتوكول الثاني عشر لتنفيذ حلم الصهاينة بالسيطرة على وسائل الإعلام العالمية، وعلى الرغم من أن الإعلام هو أقصر طريق للسيطرة وأسهله لتنفيذ عملية غسل الدماغ للرأي العام العالمي إلا أنه استغرق 175 عاماً من الصهاينة لتغيير صورتهم، وتم لهم ما أرادوا عندما بدأت حملة هتلر المزعومة، فهذه البدعة مثلت الحلم الذي استطاع به بنو صهيون من النفوذ إلى عواطف ومشاعر الغرب، ومازالوا يقطفون ثمار بدعتهم «الهولوكوست» حتى يومنا هذا فأصبح يمثل لهم «العجل الذهبي» فقد كان المدخل الأول لفرض رؤيتهم ومن ثم سرقة فلسطين والآن يريدون سرقة الجولان من خلال استخدامهم نفس السلاح، فكيف لا يعبدونه ويقدسون ذكراه وخاصة «بإخراجه وتصويره بتلك الآلية التي قلبت كل التوقعات والموازين والسيطرة على مختلف مناحي الحياة الثقافية– الفنية– الأدبية- ودور النشر– والطباعة والسينما والإذاعات والفضائيات وصولاً للإنترنت وألعاب الديجتال، فأصبح الرأي العام العالمي أسيراً لهم ويدور في فلكهم ويتبنى أبسط أطروحاتهم وجعل العالم لا يرى ولا يسمع إلا من خلالهم، فقد نجحوا وبامتياز بغسل الدماغ لا بل استطاعوا تنويمه مغناطيسياً، تماماً كما يحاولون اليوم تطبيق تجربتهم العالمية هذه على عدة قرى في الجولان.
فأهلنا في الجولان اليوم يخوضون معركة غير متكافئة وإن انتصروا– وسينتصرون- يكونوا قد دمروا أسطورة سلاح الإعلام الصهيوني الذي فتك بالعالم بأسره، فهذا السلاح الذي استطاع إخفاء ترسانة الكيان النووية لن يتمكن بكل تأكيد من إخفاء النوايا الوطنية لأهلنا في الجولان المحتل الذين لا تقارن إرادتهم بسواها من الأشياء.

مناطق انتشار أسلحتهم الإعلامية
1- المواطن في الجولان كابن قضية تجده دائماً يبحث عن نافذة إعلامية يجد فيها فكره الإنساني ترجماناً له. هنا تكمن الخطورة في أن تكون هذه النافذة خاضعة للهيمنة الصهيونية، لذا يلجأ للخداع والتمويه. فالنشر والطباعة والأدب والصحافة والتربية تحت سيطرته فكونها قوة إعلامية وتعليمية وثقافية خطيرة لجأ منذ البداية إلى تغيير المناهج الدراسية لوضع غشاوة على أعيننا كي نكون صيداً سهلاً لبعض الأبواق الإعلامية فيما بعد، وندور في فلكهم عبر الزمن كقوة الأجيال المتعاقبة.
2- بعض الأبواق الإعلامية التي رخصها هذا الكيان هي طوع بنانه، وهي تحاول أن تقلل من شأن الفكر المقاوم، ومحاولة تحسين نبض الرأي العام لمصلحة الصهاينة، تحضيرا لتهييج عواطف الناس حينما يريدون، وتحفيز المجادلات الحزبية الأنانية أو حتى الطائفية على حصاب المصالح الوطنية العليا.
فقد جاء في البند التاسع في البروتوكول الثاني عشر للمؤتمر الصهيوني الأول «يجب أن نكون قادرين على إثارة عقل الشعب عندما نريد، وتهدئته عندما نريد وسنفعل ذلك بطبع أخبار صحيحة أو زائفة حسبما يوافق غرضنا، وسننشر الأخبار بطرقنا الخاصة حيث يتقبلها الشعب ويصدقها ولكننا يجب أن نحتاط جيداً قبل ذلك لجس الأرض قبل السير عليها، وسنصدر نشرات تهاجمنا وتعارضنا ولكن بتوجيه اتهامات زائفة ضدنا تتيح لنا الفرصة لكي نقنع الرأي العام بأن كل من يعارضنا لا يملك أساساً حقيقياً لمناهضتنا وإنما يعتمد على الاتهامات الزائفة».. هذا الكلام في الحقيقة، يمكن أن يدل على الطريقة التي ينتهجها البعض في تعاطيه مع القضايا الإعلامية في الجولان، وباعتماد الوسائل المصدق عليها من قبل المؤتمر الصهيوني الأول!!..
4- الصهاينة إذا وجدوا لأعدائهم وسائل صحفية أو إعلامية يعبرون فيها عن آرائهم فإنهم يضيقون عليه بجميع الوسائل، وعبر أبواقهم الإعلامية لكي يمنعوه من مهاجمتهم، وقد يصل حد هذا التضييق والتنكيل إلى مستوى الاعتقال والأسر تماماً مثلما فعلوا مع الزميل الصحفي عطا نجيب فرحات مراسل صحيفة «الوطن» في الجولان المحتل، وكيف كانت أبواقهم تهاجمه ليلاً نهاراً قبل اعتقاله بأشهر.

ما الوسيلة التي نستطيع من خلالها الاستمرار؟
لكي نستمر ضمن هذا الواقع المفروض، علينا أولا أن نجهد ليكون عملنا نابعاً ومنطلقاً من عمل مؤسساتي لإنتاج مفاهيم وقوانين ومخططات مدروسة علمياً واجتماعياً وفكرياً وفلسفياً وتربوياً وثقافياً لتكوين وسيلة. وهذه الوسيلة تكون قادرة على مواكبة المشروع الصهيوني وإدراكه وتتبع خطواته وإدراك النتائج قبل حدوثها والتنبيه إليها لتقليل أثرها وإقامة مشاريع خاصة بنا نستطيع من خلالها دحض وإفشال مشروعهم، ومن ثم نبادر لفرض إرادتنا الوطنية التي ستؤدي بنا بطبيعة الحال للانتصار عليهم.
وعلى الوطنيين ومن خلفهم رجال الدين الذين تشكلت منهم نواة الحقيقة التي بادرت لانتفاضة 1982 علينا تسليحهم الآن بهذه الوسيلة ضمن المجتمع، وتمكينهم من الأدوات المطلوبة للمحافظة على بسط الإرادة الوطنية التي يتشكل منها مجتمعنا لمواجهة هذه الهجمة المسعورة من قبل الكيان الغاشم وأزلامه.
فإن سقطت ورقة سلاح الإعلام من يد الصهاينة سقط مشروعهم وإلى الأبد في جولاننا الحبيب.

\انتهى\

------------------------------------

ملاحظة:

نزولا عند رغبة كاتب المقال، سيتم عرض التعقيبات التي تحمل أسماء أصحابها الحقيقية فقط. نرجو من زوار الموقع الكرام احترام رغبة الكاتب.

عقب على المادة

لا توجد تعقيبات حاليا